(القصة حقيقية نقلتها من كتاب وحي القلم للرافعي بتصرف لتُفهم)
قال أبو علي كنت يوما عند شيخنا الجنيد (والجنيد أول من تكلم في علم التوحيد وقال عنه ابن الأثير إمام الدنيا في زمانه)
فجاء للشيخ كتاب من يوسف ابن الحسن يقول فيه : لا أذاقك الله طعم نفسك فإنك إن ذقتها لم تذق بعدها خيرا أبدا . قال فجعلت افكر في طعم النفس ماهو وجائني مالم ارضه من الرأي حتي سمعت بخبر أبو الحسن بُنان مع ابن طولون أمير مصر فجئت كي أصحبه وأنتفع به والبلد الذي ليس فيه شيخ من اهل الدين الصحيح والنفس الكاملة والاخلاق الإلهية كالبلد الذي ليس فيه كتاب من الكتب ألبتةَ وإن كان كل اهله علماء فإن الكتب لا تغني عن الرجال فهي صواب او خطأ ينتهي إلي العقل ولكن الرجل الكامل صواب ينتهي الي الروح
ومثل الإنسان الذي يكتفي بالكتب ليتعلم منها كمن يضع يده تحت إبطه ليرفع جسمه عن الأرض فقد يتعب ولكن لن يرتفع لذا كان شر الناس هم العلماء والمعلمين فإن أحدهم يعلم الناس الخير وتكون حوله رذائله تعلم الناس الشر وإن أحدهم يكون معه كتاب الله مع الإنسان الظاهر فيه وكتاب الشيطان مع الإنسان الخفي منه فلما قدم لمصر ليري أبو الحسن رأي تلميذ من تلاميذ شيخه الجنيد يتلألأ فيه نوره و يعمل فيه سرُه وعلامة الرجل من هؤلاء أن يعمل وجوده في من حوله أكثر مما يعمل هو بنفسه وكأن بين الأرواح وبينه نسبا شابكا ومن عجيب حكمة الله أن الأمراض الشديدة تعدي وتمرض من قاربها أو لامسها فكذلك التقوي في الصالحين تصيب الناس كإصابة المرض فتكسر النفس وتبعدها عن شهوات الدنيا وتفقد الشئ ما هو به فتتحول قيمته فلا يكن بما فيه من الوهم بل بما فيه من الحق وإذا فقد الناس الرجل الذي يعديهم بقوته العجيبة فقلما يصلحون
وذهب أبوعلي إلي الشيخ بُنان وهم بأن يسأله عن خبره مع ابن طولون فقطعته هيبة الشيخ وحاول أن يسأله عن معني لا أذاقك الله طعم نفسك
وبينما يحاول ان يجري كلاما يدخل فيه(لاأذاقك الله طعم نفسك) دخل رجل فقال للشيخ لي عند فلان مئة دينار وضاعت الوثيقة فادع الله يردها وأن يثبت صاحبها علي الحق فلا ينكر الدين قال الشيخ إني رجل قد كبرت وأنا أحب الحلوى فاذهب فاشتر لي رطلا منها وأنا أدعو لك
فذهب الرجل واشتري الحلوي ووضعها البائع في ورقة فإذا هي الوثيقة الضائعه !! فجاء ليخبر الشيخ فقال له خذ الحلوي فأطعمها صبيانك لا أذاقنا الله طعم أنفسنا فيما نشتهي
ثم إلتفت إلي أبو علي وقال لو أن شجرة اشتهت غير ما به صحة وجودها وكمال منفعتها فأذيقت طعم نفسها لأكلت نفسها و ذوت (يعني يبست)
قال أبو علي لم تبق بي حاجة لمعرفة خبر بُنان مع ابن طولون فكأني رأيت ما حُكي لي وحين أردت الإنصراف قابلت أبا جعفر القاضي أحمد بن عبد الله ابن مسلم ابن قتيبة
فقال لعلك وجدت ماتريد؟
قلت أنه تَواضع فلم يخبرني وهبته فلم أسأله ( يقصد الشيخ الحسن بُنان ) قال تعال أحدثك الحديث كان ابن طولون من جارية تركية وكان أبه عاملا فولد أحمد في منصب ذلة وكانت هذه طبيعته لآخر عمره ومنذ بدايته طلب الفروسية والعلم والحديث فطمح إلي المعالي وظل يكبر ويكبر وكانت له يدان واحدة مع الملائكة والأخري مع الشياطين فقد بني المستشفيات وأنفق عليها وكان يكثر من الصدقة وكثير التلاوة للقرآن ومع ذلك كان رجلا طائش السيف يجور ويعسف ومات في سجنه أكثر من ثمانية عشر ألفا وأمر بسجن قاضيه بكار ابن قتيبة وقال غرك قول الناس مافي الدنيا مثل بكار أنت شيخ قد خرفت ثم حبسه وقيده وأخذ منه جميع عطاياة التي منحها إياه وهو قاضي فكانت عشرة آلاف دينار لم يمسها زهداً وتورعاً
ولما ذهب شيخك أبو الحسن بُنان يعنفه ويأمره
طاش عقله فأمر بإلقائه إلي الأسد!!
وأنا كنت حاضر فجئ بالأسد من قصر ابنه خمارويه وكان خمارويه شغوفا بالصيد لا يسمع بوجود أسد إلا واصطاده
وكان الأسد الذي أختاروه للشيخ
أغلظ ماعندهم جسيما ضارياً عارم الوحشية أهرت الشدق يلوح شدقه من سعته وروعته كفتحة القبر وكأنه ينبئ ان جوفه مقبرة واجلسوا الشيخ في قفص ثم فتحوا باب القفص وادخلوا الأسد وظلو يضربون الأسد فانطلق يزمجر ويزأر زئيرا تنشق له المرائر وكلنا كان ينهتك حجاب قلبه علي الخوف والرعب والإشفاق علي الرجل والرجل كان ساكنا لا ينظر للأسد وذهل الأسد عن وحشيته فجلس ثم افترش زراعيه ثم نهض فمشي ببطء وكأنه غير الأسد وأقبل علي الشيخ وطفق يحتك به ويلحظه ويشمه كما يصنع الكلب مع صاحبه وكأن الأسد يعلن أن هذه ليست مبارزة بين الرجل التقي والأسد ولكنها مبارزة بين إرادة الله وإرادة ابن طولون
وضربته روح الشيخ فلم يبق بينه وبين الادمي عمل , وظل الشيخ جالسا ثابتا في روحانيته لا يحسّ لصورة الأسد معنى من معانيها الفتاكة , ولا يرى فيه الا حياة خاضعة ومسخّرة للقوة العظمى التي هو مؤمن بها ومتوكّل عليها كحياة الدودة والنملة .
وورد النور على ذلك القلب المؤمن يكشف له عن قرب الله عز وجل فهو ليس بين يدي الأسد , لكنّه هو والأسد بين يدي الله , وكان مندمجا في يقين قول الله " واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا " .
ورأى الأسد رجلا هو خوْفَ الله , فخاف منه , وكما خرج الشيخ من ذاته ومعانيها الناقصة , خرج الأسد من ذاته ومعانيها الوحشية .
ونسي الشيخ نفسه , فكانّما رآه الأسد ميتا ولم يجد فيه (أنا) التي يأكلها ,
ولو أن خطرة من همّ الدنيا خطرت على قلبه في تلك اللحظة , أو إختلجت في نفسه خالجة من الشك , لفاحت رائحة لحمه في خياشيم الأسد , فتمزّق بين أنيابه ومخالبه .
قال : وانصرفنا عن النظر في السبع الى النظر في وجه الشيخ , فاذا هو ساهم مفكر ,وجعل كل منا يظن ّ ظنا في تفكيره , فمن قائل إنه الخوف أذهله عن نفسه , وقائل إنه الانصراف بعقله الى الموت , وثالث يقول إنه سكون الفكرة لمنع الحركة عن الجسم فلا يضطرب , وزعم جماعة أن هذه حالة من الإستغراق يسحر بها الأسد , وأكثرنا في ذلك وتجاريْنا فيه , حتى سأله إبن طولون : ما الذي كان في قلبك وبم كنت تفكر ؟.
فقال الشيخ : لم يكن عليّ بأس , وإنما كنت أفكر في لُعاب الأسد , أهو طاهر أم نجس ....
قال أبو علي كنت يوما عند شيخنا الجنيد (والجنيد أول من تكلم في علم التوحيد وقال عنه ابن الأثير إمام الدنيا في زمانه)
فجاء للشيخ كتاب من يوسف ابن الحسن يقول فيه : لا أذاقك الله طعم نفسك فإنك إن ذقتها لم تذق بعدها خيرا أبدا . قال فجعلت افكر في طعم النفس ماهو وجائني مالم ارضه من الرأي حتي سمعت بخبر أبو الحسن بُنان مع ابن طولون أمير مصر فجئت كي أصحبه وأنتفع به والبلد الذي ليس فيه شيخ من اهل الدين الصحيح والنفس الكاملة والاخلاق الإلهية كالبلد الذي ليس فيه كتاب من الكتب ألبتةَ وإن كان كل اهله علماء فإن الكتب لا تغني عن الرجال فهي صواب او خطأ ينتهي إلي العقل ولكن الرجل الكامل صواب ينتهي الي الروح
ومثل الإنسان الذي يكتفي بالكتب ليتعلم منها كمن يضع يده تحت إبطه ليرفع جسمه عن الأرض فقد يتعب ولكن لن يرتفع لذا كان شر الناس هم العلماء والمعلمين فإن أحدهم يعلم الناس الخير وتكون حوله رذائله تعلم الناس الشر وإن أحدهم يكون معه كتاب الله مع الإنسان الظاهر فيه وكتاب الشيطان مع الإنسان الخفي منه فلما قدم لمصر ليري أبو الحسن رأي تلميذ من تلاميذ شيخه الجنيد يتلألأ فيه نوره و يعمل فيه سرُه وعلامة الرجل من هؤلاء أن يعمل وجوده في من حوله أكثر مما يعمل هو بنفسه وكأن بين الأرواح وبينه نسبا شابكا ومن عجيب حكمة الله أن الأمراض الشديدة تعدي وتمرض من قاربها أو لامسها فكذلك التقوي في الصالحين تصيب الناس كإصابة المرض فتكسر النفس وتبعدها عن شهوات الدنيا وتفقد الشئ ما هو به فتتحول قيمته فلا يكن بما فيه من الوهم بل بما فيه من الحق وإذا فقد الناس الرجل الذي يعديهم بقوته العجيبة فقلما يصلحون
وذهب أبوعلي إلي الشيخ بُنان وهم بأن يسأله عن خبره مع ابن طولون فقطعته هيبة الشيخ وحاول أن يسأله عن معني لا أذاقك الله طعم نفسك
وبينما يحاول ان يجري كلاما يدخل فيه(لاأذاقك الله طعم نفسك) دخل رجل فقال للشيخ لي عند فلان مئة دينار وضاعت الوثيقة فادع الله يردها وأن يثبت صاحبها علي الحق فلا ينكر الدين قال الشيخ إني رجل قد كبرت وأنا أحب الحلوى فاذهب فاشتر لي رطلا منها وأنا أدعو لك
فذهب الرجل واشتري الحلوي ووضعها البائع في ورقة فإذا هي الوثيقة الضائعه !! فجاء ليخبر الشيخ فقال له خذ الحلوي فأطعمها صبيانك لا أذاقنا الله طعم أنفسنا فيما نشتهي
ثم إلتفت إلي أبو علي وقال لو أن شجرة اشتهت غير ما به صحة وجودها وكمال منفعتها فأذيقت طعم نفسها لأكلت نفسها و ذوت (يعني يبست)
قال أبو علي لم تبق بي حاجة لمعرفة خبر بُنان مع ابن طولون فكأني رأيت ما حُكي لي وحين أردت الإنصراف قابلت أبا جعفر القاضي أحمد بن عبد الله ابن مسلم ابن قتيبة
فقال لعلك وجدت ماتريد؟
قلت أنه تَواضع فلم يخبرني وهبته فلم أسأله ( يقصد الشيخ الحسن بُنان ) قال تعال أحدثك الحديث كان ابن طولون من جارية تركية وكان أبه عاملا فولد أحمد في منصب ذلة وكانت هذه طبيعته لآخر عمره ومنذ بدايته طلب الفروسية والعلم والحديث فطمح إلي المعالي وظل يكبر ويكبر وكانت له يدان واحدة مع الملائكة والأخري مع الشياطين فقد بني المستشفيات وأنفق عليها وكان يكثر من الصدقة وكثير التلاوة للقرآن ومع ذلك كان رجلا طائش السيف يجور ويعسف ومات في سجنه أكثر من ثمانية عشر ألفا وأمر بسجن قاضيه بكار ابن قتيبة وقال غرك قول الناس مافي الدنيا مثل بكار أنت شيخ قد خرفت ثم حبسه وقيده وأخذ منه جميع عطاياة التي منحها إياه وهو قاضي فكانت عشرة آلاف دينار لم يمسها زهداً وتورعاً
ولما ذهب شيخك أبو الحسن بُنان يعنفه ويأمره
طاش عقله فأمر بإلقائه إلي الأسد!!
وأنا كنت حاضر فجئ بالأسد من قصر ابنه خمارويه وكان خمارويه شغوفا بالصيد لا يسمع بوجود أسد إلا واصطاده
وكان الأسد الذي أختاروه للشيخ
أغلظ ماعندهم جسيما ضارياً عارم الوحشية أهرت الشدق يلوح شدقه من سعته وروعته كفتحة القبر وكأنه ينبئ ان جوفه مقبرة واجلسوا الشيخ في قفص ثم فتحوا باب القفص وادخلوا الأسد وظلو يضربون الأسد فانطلق يزمجر ويزأر زئيرا تنشق له المرائر وكلنا كان ينهتك حجاب قلبه علي الخوف والرعب والإشفاق علي الرجل والرجل كان ساكنا لا ينظر للأسد وذهل الأسد عن وحشيته فجلس ثم افترش زراعيه ثم نهض فمشي ببطء وكأنه غير الأسد وأقبل علي الشيخ وطفق يحتك به ويلحظه ويشمه كما يصنع الكلب مع صاحبه وكأن الأسد يعلن أن هذه ليست مبارزة بين الرجل التقي والأسد ولكنها مبارزة بين إرادة الله وإرادة ابن طولون
وضربته روح الشيخ فلم يبق بينه وبين الادمي عمل , وظل الشيخ جالسا ثابتا في روحانيته لا يحسّ لصورة الأسد معنى من معانيها الفتاكة , ولا يرى فيه الا حياة خاضعة ومسخّرة للقوة العظمى التي هو مؤمن بها ومتوكّل عليها كحياة الدودة والنملة .
وورد النور على ذلك القلب المؤمن يكشف له عن قرب الله عز وجل فهو ليس بين يدي الأسد , لكنّه هو والأسد بين يدي الله , وكان مندمجا في يقين قول الله " واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا " .
ورأى الأسد رجلا هو خوْفَ الله , فخاف منه , وكما خرج الشيخ من ذاته ومعانيها الناقصة , خرج الأسد من ذاته ومعانيها الوحشية .
ونسي الشيخ نفسه , فكانّما رآه الأسد ميتا ولم يجد فيه (أنا) التي يأكلها ,
ولو أن خطرة من همّ الدنيا خطرت على قلبه في تلك اللحظة , أو إختلجت في نفسه خالجة من الشك , لفاحت رائحة لحمه في خياشيم الأسد , فتمزّق بين أنيابه ومخالبه .
قال : وانصرفنا عن النظر في السبع الى النظر في وجه الشيخ , فاذا هو ساهم مفكر ,وجعل كل منا يظن ّ ظنا في تفكيره , فمن قائل إنه الخوف أذهله عن نفسه , وقائل إنه الانصراف بعقله الى الموت , وثالث يقول إنه سكون الفكرة لمنع الحركة عن الجسم فلا يضطرب , وزعم جماعة أن هذه حالة من الإستغراق يسحر بها الأسد , وأكثرنا في ذلك وتجاريْنا فيه , حتى سأله إبن طولون : ما الذي كان في قلبك وبم كنت تفكر ؟.
فقال الشيخ : لم يكن عليّ بأس , وإنما كنت أفكر في لُعاب الأسد , أهو طاهر أم نجس ....
الخميس أغسطس 18, 2011 10:01 am من طرف شمس الدين
» الصدقه لاتموت
الخميس أغسطس 18, 2011 9:47 am من طرف شمس الدين
» حسن الخاتمه
الخميس أغسطس 18, 2011 9:37 am من طرف شمس الدين
» قصه طفله مؤثره
الخميس أغسطس 18, 2011 9:24 am من طرف شمس الدين
» رجل اسلم على يد نمله
الخميس أغسطس 18, 2011 8:52 am من طرف شمس الدين
» حديث التعوزات الثمانيه
الخميس أغسطس 18, 2011 8:20 am من طرف شمس الدين
» قصص وعبرمتنوعه
السبت أغسطس 13, 2011 9:45 pm من طرف شمس الدين
» قصص وعبر لا تفوتكم
الأربعاء أغسطس 10, 2011 11:36 pm من طرف شمس الدين
» حكمه بليغه
الأربعاء أغسطس 10, 2011 10:41 pm من طرف شمس الدين